في تطور مهم لتقنية الأجهزة القابلة للارتداء والاتصال عبر الأقمار الصناعية، وسّعت خدمة "ستارلينك المباشر إلى الخلية" (Direct to Cell) التابعة لشركة سبيس إكس نطاقها ليشمل طرازات مختارة من ساعات آبل (Apple Watch). يتيح هذا التطور للمستخدمين في المناطق النائية أو المناطق ذات التغطية الخلوية الضعيفة إرسال واستقبال الرسائل النصية مباشرةً عبر القمر الصناعي، مما يمثل حقبة جديدة في الأجهزة القابلة للارتداء المتصلة دائمًا. هذه الميزة، التي تستفيد من مجموعة سبيس إكس المتنامية من الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض، يتم طرحها حاليًا في كندا واليابان، مع احتمالية تبنيها عالميًا على نطاق أوسع في المستقبل القريب.
كيف تعمل خدمة ستارلينك المباشر إلى الخلية مع ساعات آبل
صُممت تقنية "ستارلينك المباشر إلى الخلية" لتوفير اتصال شبيه بالاتصال الخلوي دون الحاجة إلى الأبراج الأرضية التقليدية. من خلال بث الإشارات مباشرة من الأقمار الصناعية إلى الأجهزة المتوافقة، فإنها تضمن التغطية في المناطق التي تفشل فيها الشبكات التقليدية، مثل المناطق الريفية، أو المحيطات، أو المناطق الجبلية. بعد تركيزها الأولي على الهواتف الذكية، تم توسيع الخدمة الآن لتشمل أحدث ساعات آبل الذكية.
تشمل الطرازات المتوافقة الإصدارات الخلوية من ساعة آبل "ألترا 3" (Apple Watch Ultra 3)، و"السلسلة 11" (Series 11)، و"إس إي 3" (SE 3). يمكن لهذه الأجهزة الاتصال بأقمار ستارلينك الصناعية للتعامل مع مهام الاتصال الأساسية. لا يحتاج المستخدمون إلى أي تعديلات إضافية على الأجهزة—تستخدم الساعات قدراتها المدمجة في شبكة التطور طويل الأمد (LTE) للتواصل مع شبكة الأقمار الصناعية.
من الناحية العملية، عندما لا ترصد ساعة آبل إشارة خلوية أرضية، يمكنها التحول تلقائيًا إلى وضع القمر الصناعي. تتضمن العملية توجيه الساعة نحو رؤية واضحة للسماء، على غرار طريقة عمل ميزة "نداء الاستغاثة في حالات الطوارئ عبر القمر الصناعي" (Emergency SOS via satellite) الخاصة بآبل على هواتف آيفون. ومع ذلك، يتم تشغيل تطبيق ستارلينك بواسطة البنية التحتية المتقدمة للأقمار الصناعية الخاصة بسبيس إكس، والتي تشمل أكثر من ستة آلاف قمر صناعي في المدار اعتبارًا من أواخر عام 2025، مع مئات منها مجهزة لعمليات الاتصال المباشر إلى الخلية.
تفاصيل الإطلاق: التوفر في كندا واليابان
تم إطلاق الخدمة في كندا من خلال شراكة مع "روجرز كوميونيكيشنز" (Rogers Communications)، حيث تُقدم كنسخة تجريبية مجانية لجميع المستخدمين المؤهلين. هذا يعني أن مالكي ساعة آبل على شبكة "روجرز" يمكنهم اختبار الميزة دون تكاليف إضافية، مما يوفر ملاحظات قيّمة لتحسين التقنية.
في اليابان، يرتبط الطرح بشركة "إيه يو" (Au) التابعة لـ (KDDI)، وهي إحدى شركات الاتصالات الرئيسية في البلاد، عبر خدمة ستارلينك المباشرة الخاصة بها. يجب على المستخدمين الاشتراك في هذه الخطة للوصول إلى الاتصال عبر الأقمار الصناعية على ساعاتهم. يسلط هذا التكامل الضوء على استراتيجية ستارلينك المتمثلة في التعاون مع مزودي الاتصالات المحليين للامتثال للوائح الإقليمية وتوسيع نطاق الوصول.
في حين أن الميزة تقتصر على هذين البلدين في الوقت الحالي، فقد لمحت سبيس إكس إلى توفر أوسع. في الولايات المتحدة، يمكن لشركة "تي-موبايل" (T-Mobile) – الشريك الرئيسي لستارلينك – تقديم دعم مماثل قريبًا، مما قد يتيح هذه الإمكانية للمستخدمين الأمريكيين. وقد تتبعها مناطق أخرى، بما في ذلك أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ، مع نشر المزيد من الأقمار الصناعية وإبرام المزيد من الشراكات.
الميزات المدعومة والقيود
عند الإطلاق، الوظيفة الأساسية التي تتيحها ستارلينك على ساعات آبل هي إرسال الرسائل النصية عبر تطبيق الرسائل الأصلي. يتيح ذلك للمستخدمين إرسال واستقبال رسائل نصية قصيرة (SMS) أو رسائل آي مسج (iMessages) حتى في مناطق انعدام التغطية الخلوية بالكامل، وهو أمر مفيد بشكل خاص للمتنزهين أو البحارة أو أي شخص يغامر بالابتعاد عن الشبكة.
تشير بعض التقارير إلى أن الخدمة قد تدعم أيضًا رسائل الطوارئ، مما يمكّن المستخدمين من الاتصال بالسلطات في المواقف الحرجة. ومع ذلك، لا يتم دعم تصفح الإنترنت الكامل أو المكالمات الصوتية أو تطبيقات كثيفة البيانات حتى الآن على الساعات عبر هذه الطريقة. تؤكد سبيس إكس أن التقنية مُحسّنة للمهام ذات النطاق الترددي المنخفض لضمان الموثوقية والكفاءة.
تشمل القيود الحاجة إلى خط رؤية واضح للسماء – فالعوائق مثل الغابات الكثيفة أو المباني يمكن أن تعيق الاتصال. قد تكون أوقات الاتصال أيضًا أبطأ من الاتصال الخلوي التقليدي، حيث تستغرق الرسائل ما يصل إلى دقيقة للإرسال أو الاستقبال. قد يتأثر عمر البطارية أثناء الاستخدام المطول للأقمار الصناعية، على الرغم من أن آبل قد حسّنت ساعاتها لمثل هذه السيناريوهات.
الآثار الأوسع للاتصال عبر الأقمار الصناعية
يمثل هذا التكامل تقاربًا بين التقنية القابلة للارتداء والبنية التحتية القائمة على الفضاء، مما قد يقلل الاعتماد على الشبكات الأرضية. بالنسبة لآبل، فإنه يكمل ميزات الأقمار الصناعية الحالية على هواتف آيفون، مثل "نداء الاستغاثة في حالات الطوارئ" والمساعدة على الطريق، والتي تعتمد حاليًا على أقمار غلوبالستار (Globalstar) الصناعية. تتردد الشائعات حول تعاون أعمق بين آبل وسبيس إكس، بما في ذلك مستويات مدفوعة متميزة لخدمات الأقمار الصناعية المتقدمة أو حتى عمليات استحواذ يمكن أن تدمج التقنيات.
على نطاق أوسع، تهدف خدمة "ستارلينك المباشر إلى الخلية" إلى سد الفجوة الرقمية، وربط المليارات في المناطق المحرومة. من خلال شراكات مثل "تي-موبايل" في الولايات المتحدة و"بوست موبايل" (Boost Mobile) التي توسع الخدمة، تضع سبيس إكس نفسها كشركة رائدة في الشبكات الهجينة التي تعمل بالأقمار الصناعية والشبكات الخلوية.
نظرة مستقبلية
مع استمرار سبيس إكس في إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية القادرة على الاتصال المباشر إلى الخلية – بهدف التغطية العالمية الكاملة بحلول عام 2026 – فإن إدراج أجهزة مثل ساعات آبل يشير إلى مستقبل يكون فيه الاتصال شاملًا حقًا. يمكن للمستخدمين في كندا واليابان تجربة ذلك بالفعل، ومع ابتكارات آبل المستمرة في مجال الأقمار الصناعية، قد نشهد قريبًا المزيد من الميزات، مثل مشاركة الصور أو دمج تطبيقات الجهات الخارجية.
بالنسبة للمهتمين بتجربة الخدمة، تحققوا من شركات الاتصالات المحلية لديكم لمعرفة الأهلية. هذا الإنجاز لا يعزز السلامة الشخصية والراحة فحسب، بل يؤكد أيضًا التطور السريع لتقنية الأقمار الصناعية في الحياة اليومية. ترقبوا التحديثات مع توسع هذه الخدمة في جميع أنحاء العالم.